(المناقشات البرلمانية)
قرر المشرع للمواطنين جميع الحقوق التي يجوز لهم استعمالها في إسناد وقائع معينة إلى أشخاص معينين مثلما فعل بالنسبة لحق كل مواطن في الطعن في أعمال الموظفين العموميين وكحق النقد وأحيانا يقصر القانون هذا الحق على طائفة معينة من المواطنين.
هذا ما فعله المشرع بالنسبة لحق نشر الأخبار الذي يمارسه الصحافيون عادة وحق الدفاع أمام المحاكم الذي يتمتع به المتقاضون والحق في المناقشات البرلمانية الذي يقتصر على النواب بالمجالس البرلمانية.
وبغض النظر عن تفرد كل سبب من هذه الأسباب التي تدخل في عموم استعمال الحق ببعض الخصائص، فإن جوهر استعمال الحق هو سلطة قانونية يقررها المشرع للأفراد، لهم أن يستعملوها أو لا يستعملونها. وإذا قرر أحدهم استعمالها، فإنه يتمتع بسبب من أسباب الإباحة الذي ينفي الجريمة.
الحق في المناقشات البرلمانية يعنى عدم المسؤولية البرلمانية:
يقصد بها حق عضو البرلمان (مجلس الأمة) في التعبير عن رأيه بالقول في المجلس وفي لجانه دون التعرض للمساءلة الجنائية أو المدنية. ومعنى ذلك أننا أمام سبب من أسباب الإباحة تنتفي معه المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية.
يقصد بها حق عضو البرلمان (مجلس الأمة) في التعبير عن رأيه بالقول في المجلس وفي لجانه دون التعرض للمساءلة الجنائية أو المدنية. ومعنى ذلك أننا أمام سبب من أسباب الإباحة تنتفي معه المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية.
الأساس القانوني لعدم المسؤولية البرلمانية:
تستند عدم المسؤولية البرلمانية إلى نص الدستور الكويتي «عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال» (مادة 110).
تستند عدم المسؤولية البرلمانية إلى نص الدستور الكويتي «عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال» (مادة 110).
نطاق عدم المسؤولية البرلمانية:
يستفيد من عدم المسؤولية البرلمانية أعضاء مجلس الأمة، فتمتد الإباحة إلى ما يبديه العضو من أقوال وآراء ولا تشمل الأفعال. فلا يعتبر من قبيل التعبير عن الرأي أن يقذف العضو بوثيقة الدستور في وجه رئيس المجلس أو أحد أعضائه للتعبير عن مخالفته له في الرأي.
ويظهر من نص المادة 110 من الدستور أن الإباحة لا تشمل من الأقوال سوى منها ما يبديه العضو من «الآراء والأفكار». فمجرد السباب لا يعد تعبيرا عن رأي وليس من الأفكار في شيء ولا تشمله الإباحة المقصودة في النص. أما إذا وجه العضو انتقادا إلى وزير أو إلى مسؤول متهما إياه بتبديد المال العام وسرقته، فإن الأمر يتعلق بسبب من أسباب الإباحة، مادام العضو يناقش قضية معينة.
الإباحة تشمل المناقشات داخل المجلس ولجانه:
تقتصر الإباحة على الأقوال التي يبديها العضو أثناء انعقاد جلسات المجلس أو لجانه ولا تشمل الأقوال التي تصدر منه خارج جلسات المجلس. فلا تمتد الإباحة إذن إلى الأقوال التي يصرح بها العضو في حديث صحافي أو في إحدى الديوانيات. هنا يتعين توافر سبب آخر للإباحة كالحق في النقد أو الحق في التبليغ عن الجرائم. عندئذ يتعين التقيد بشروط الحق في النقد أو الحق في التبليغ عن الجرائم ومع ذلك فإن العضو يستفيد في هذه الحالة من الحصانة البرلمانية.
تقتصر الإباحة على الأقوال التي يبديها العضو أثناء انعقاد جلسات المجلس أو لجانه ولا تشمل الأقوال التي تصدر منه خارج جلسات المجلس. فلا تمتد الإباحة إذن إلى الأقوال التي يصرح بها العضو في حديث صحافي أو في إحدى الديوانيات. هنا يتعين توافر سبب آخر للإباحة كالحق في النقد أو الحق في التبليغ عن الجرائم. عندئذ يتعين التقيد بشروط الحق في النقد أو الحق في التبليغ عن الجرائم ومع ذلك فإن العضو يستفيد في هذه الحالة من الحصانة البرلمانية.
إذا انتهت الجلسة فإن الإباحة تنتهي. فلا تشمل عدم المسؤولية البرلمانية القذف أو السب الذي يصدر من العضو في مواجهة أحد الصحافيين أو زميل له عضو بالبرلمان بعد انتهاء الجلسة، حتى ولو كان ذلك في مبنى البرلمان نفسه.
التفرقة بين عدم المسؤولية البرلمانية والحصانة البرلمانية:
يتمتع العضو في مجلس الأمة بالحصانة البرلمانية بالإضافة إلى عدم المسؤولية البرلمانية. ويقصد بالحصانة البرلمانية أنه لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق في مواجهة عضو البرلمان عند اتهامه بجريمة وقعت خارج البرلمان أو داخله إلا بعد الحصول على إذن المجلس. ولا يلزم هذا الإذن في حالة الجرم المشهود.
يتمتع العضو في مجلس الأمة بالحصانة البرلمانية بالإضافة إلى عدم المسؤولية البرلمانية. ويقصد بالحصانة البرلمانية أنه لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق في مواجهة عضو البرلمان عند اتهامه بجريمة وقعت خارج البرلمان أو داخله إلا بعد الحصول على إذن المجلس. ولا يلزم هذا الإذن في حالة الجرم المشهود.
فقد نصت المادة 111 من الدستور الكويتي على أنه «لا يجوز أثناء دور الانعقاد، في غير حالة الجرم المشهود، أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي آخر إلا بإذن المجلس، ويتعين إخطار المجلس بما قد يتخذ من إجراءات جزائية أثناء انعقاده على النحو السابق. كما يجب إخطاره دواما في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه، وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلبه الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله إليه اعتبر ذلك بمثابة إذن».
وتختلف الحصانة البرلمانية عن عدم المسؤولية البرلمانية في أنها تشمل الجرائم التي وقعت في خارج المجلس، أما عدم المسؤولية البرلمانية فتنصرف إلى جرائم الرأي والتعبير داخل المجلس. فمكان وقوع الجريمة هنا له أهمية واضحة، يضاف إلى ذلك نوع الجريمة نفسها: فالحصانة البرلمانية تغطي جميع أنواع الجرائم (جنح أو جنايات) ما عدا منها ما يضبط في حالة تلبس (جرم مشهود). أما عدم المسؤولية البرلمانية فلا تغطى سوى جرائم القذف والسب والبلاغ الكاذب التي تقع داخل المجلس.
وتختلف الحصانة البرلمانية عن عدم المسؤولية البرلمانية في الأثر المترتب، فالأولى تنصرف إلى الدعوى الجنائية فقط. أما الثانية فإنها صورة من صور الإباحة وبالتالي تشمل المسؤولية المدنية بالإضافة إلى المسؤولية الجنائية.
وبالتالي فإنه يجوز رفع الدعوى المدنية بالتعويض في مواجهة العضو عن جريمة ارتكبها خارج البرلمان إذا رفض المجلس إصدار الإذن بالتحقيق ورفع الدعوى في مواجهة العضو. ويعني ذلك أن المساءلة المدنية تجوز في مواجهة العضو الذي يستفيد من الحصانة البرلمانية، ذلك أن مجال الحصانة مقصور على الدعوى الجزائية دون المدنية.
العلة من عدم المسؤولية البرلمانية ومن الحصانة البرلمانية:
قرر المشرع مزية عدم المسؤولية البرلمانية لأعضاء مجلس الأمة حتى يضمن لهم حرية التعبير في المجلس وفي لجانه. فمن حق عضو المجلس أن يكشف فيما يراه أو يعلمه عن أخطاء يرتكبها مسؤولون وغير مسؤولين دون أن يخشى تعرضه للمساءلة عن القذف والسب.
قرر المشرع مزية عدم المسؤولية البرلمانية لأعضاء مجلس الأمة حتى يضمن لهم حرية التعبير في المجلس وفي لجانه. فمن حق عضو المجلس أن يكشف فيما يراه أو يعلمه عن أخطاء يرتكبها مسؤولون وغير مسؤولين دون أن يخشى تعرضه للمساءلة عن القذف والسب.
أما الحصانة البرلمانية فهي تحمي العضو من جور السلطة التنفيذية التي يمكن أن تقبض عليه حتى لا يذهب إلى المجلس ويدلي بآراء قد لا تستريح لها الحكومة. فإذا كان العضو ينوى تقديم استجواب إلى أحد الوزراء عن موضوع معين أو كان ينوي التصويت في اتجاه معين أثناء الاقتراع على قانون، فإن المشرع قدر أنه لا يجوز توجيه الاتهام ضد العضو لإعاقته عن الذهاب إلى المجلس.
نطاق الحصانة البرلمانية:
تشمل الحصانة البرلمانية الأفعال الآتية:
1 ـ جميع الجرائم
يستوي في ذلك الجنايات والجنح.
تشمل الحصانة البرلمانية الأفعال الآتية:
1 ـ جميع الجرائم
يستوي في ذلك الجنايات والجنح.
2 ـ التي تقع خارج أو داخل جلسات المجلس:
تغطي الحصانة الجرائم التي تقع خارج المجلس، كما تغطى الجرائم التي تقع داخل المجلس. في هذه الحالة الأخيرة تنسحب الحصانة البرلمانية على الجرائم باستثناء جرائم القذف أو السب والبلاغ الكاذب.
تغطي الحصانة الجرائم التي تقع خارج المجلس، كما تغطى الجرائم التي تقع داخل المجلس. في هذه الحالة الأخيرة تنسحب الحصانة البرلمانية على الجرائم باستثناء جرائم القذف أو السب والبلاغ الكاذب.
هذه الأنواع الأخيرة من الجرائم تغطيها عدم المسؤولية البرلمانية. فإذا اعتدى أحد الأعضاء على زميل له أو على صحافي أثناء انعقاد المجلس، فإن الحصانة البرلمانية تغطي هذا الاعتداء. ويلزم أن يأذن المجلس باتخاذ إجراءات التحقيق ضد العضو حتى تمارس سلطة التحقيق الإجراءات القانونية. ولا يختلف الأمر لو أن الاعتداء بالضرب قد وقع من العضو في بهو المجلس أو في إحدى طرقاته.
3 ـ الجرم غير المشهود:
لا تشمل الحصانة البرلمانية الجرائم التي تضبط في حالة تلبس (الجرم المشهود). فإذا ضبط العضو في حالة جرم مشهود (حالة تلبس) فإنه يجوز اتخاذ إجراءات الدعوى الجنائية دون اللجوء إلى المجلس واستصدار إذن بذلك.
لا تشمل الحصانة البرلمانية الجرائم التي تضبط في حالة تلبس (الجرم المشهود). فإذا ضبط العضو في حالة جرم مشهود (حالة تلبس) فإنه يجوز اتخاذ إجراءات الدعوى الجنائية دون اللجوء إلى المجلس واستصدار إذن بذلك.
4 ـ الحصانة تشمل الإجراءات أثناء دور الانعقاد:
تنحسر الحصانة البرلمانية عن العضو الذي يرتكب جريمة في فترات حل البرلمان وفي انتظار انتخابات جديدة. فيلزم لكي يتمتع العضو بالحصانة أن تكون الجريمة قد وقعت أثناء دور انعقاد المجلس. ولا يلزم أن تنعقد الجلسة نفسها ولكن يكفي أن تكون في دور الانعقاد، أي لا يكون المجلس في إجازة.
تنحسر الحصانة البرلمانية عن العضو الذي يرتكب جريمة في فترات حل البرلمان وفي انتظار انتخابات جديدة. فيلزم لكي يتمتع العضو بالحصانة أن تكون الجريمة قد وقعت أثناء دور انعقاد المجلس. ولا يلزم أن تنعقد الجلسة نفسها ولكن يكفي أن تكون في دور الانعقاد، أي لا يكون المجلس في إجازة.
فالحصانة البرلمانية تقف حائلا دون ممارسة الإجراءات في مواجهة العضو حتى في حالة اتهامه بجريمة سابقة على اكتساب صفة العضوية. والحكمة واحدة في حالة اتهام العضو بجريمة يدعى بارتكابها أثناء دور الانعقاد أو في حالة اتهامه بجريمة سابقة على اكتسابه صفة العضوية في المجلس، فلا يلزم تعطيل عمل المجلس إلا بإذن المجلس نفسه.
أما في فترة الإجازة الصيفية التي لا يعمل فيها المجلس، فإن الشخص يظل مكتسبا صفة العضوية، غير أن المجلس لا يعمل. في هذه الحالة لا يتمتع العضو بالحصانة ويجوز للسلطات القضائية وكذلك المساعدة لها (شركة ومحقق) أن تمارس الإجراءات في مواجهة العضو.
غير أنه إذا انتهت الإجازة الصيفية وعاد المجلس للانعقاد، يلزم أن تقف الإجراءات حتى يصدر إذن من المجلس باستمرارها. ويستند ذلك إلى صريح نص الدستور الكويتي «… كما يجب إخطاره دواما في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد عضو من أعضائه، وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهور من تاريخ وصوله إليه اعتبر ذلك بمثابة إذن» (مادة 111).
كما يستند ذلك إلى صريح نص القانون رقم 12 لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة «يتعين إخطار المجلس بما قد يتخذ من إجراءات جزائية أثناء انعقاده على النحو السابق كما يجب إخطاره دواما في أول اجتماع له بأي إجراء يتخذ في غيبته ضد أي عضو من أعضائه، ويجب لاستمرار هذا الإجراء أن يأذن المجلس بذلك. وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله إليه اعتبر ذلك بمثابة إذن».
أما إذا اتهم العضو بجريمة ولم يأذن المجلس باتخاذ الإجراءات، وانتهت مدة عضويته، فإنه يفقد الحصانة ويجوز اتخاذ الإجراءات الجنائية في مواجهته دون إذن.
الآثار المترتبة على عدم المسؤولية البرلمانية والحصانة البرلمانية:
يترتب على عدم المسؤولية البرلمانية توافر سبب من أسباب الإباحة وتنتفي المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية عندئذ. أما في حالة الحصانة البرلمانية، فإن المسؤولية الجنائية تتوافر ولكن لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق كما لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بعد إذن مجلس الأمة بذلك. فإذا لم يوافق، فإن الإجراءات التي اتخذت تكون باطلة ويعتبر الحكم بالإدانة الصادر في مواجهته باطلا.
يترتب على عدم المسؤولية البرلمانية توافر سبب من أسباب الإباحة وتنتفي المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية عندئذ. أما في حالة الحصانة البرلمانية، فإن المسؤولية الجنائية تتوافر ولكن لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق كما لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بعد إذن مجلس الأمة بذلك. فإذا لم يوافق، فإن الإجراءات التي اتخذت تكون باطلة ويعتبر الحكم بالإدانة الصادر في مواجهته باطلا.
فإذا أذن المجلس باتخاذ الإجراءات في مواجهة العضو، فإنه يجوز بعد ذلك اتخاذ إجراءات التحقيق والمحاكمة. ويعتبر الحكم بالإدانة صحيحا عندئذ. غير أنه إذا اتخذت إجراءات تحقيق قبل صدور إذن لاحق ثم صدر الإذن، هذه الإجراءات يلزم إعادتها لأن ما اتخذ منها قبل الإذن لاحق يعتبر باطلا. ويرجع ذلك إلى نص الدستور الكويتي في المادة 111 منه «لا يجوز أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق أو….. إلا بإذن المجلس» ولا نعتقد أن صدور إذن لاحق يصحح البطلان لأنه بطلان من النظام العام الذي نص عليه الدستور نفسه.
ويؤيد ذلك أن هذه الحصانة قررت لتحقيق مصلحة عامة وهى ضمان استمرار البرلمان في سيره الطبيعي حتى لا تحول السلطة التنفيذية دون أن يعبر بعض الأعضاء المناوئين لها عن رأيه على غير هوى من هذه السلطة.
لذلك لا يجوز للعضو أن يتنازل عن هذه الحصانة بأن يقبل المثول أمام سلطة التحقيق أو المحاكمة لإثبات براءته من التهمة الموجهة إليه، ذلك أن الأمر لم يقرر لمصلحته. وقد أكدت اللائحة الداخلية لمجلس الأمة (قانون رقم 12 لسنة 1963) على ذلك بقولها «ليس للعضو أن يتنازل عن الحصانة من غير إذن المجلس» (مادة 23).
فليس هناك مصلحة خاصة للعضو في التهرب من العدالة وإنما المصلحة المحمية هي حسن أداء البرلمان لوظيفته. وإن وجدت مصلحة عامة أخرى يضحي المشرع بها، فإنها حق المجتمع في تتبع المتهمين في الجرائم. والمشرع يوازن بين المصلحتين ويهدر هذه الأخيرة تحقيقا للمصلحة العامة الأولى بالرعاية وهى ضمان أداء البرلمان لأعماله……….( منقول )
إرسال تعليق